[size=18]بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله محمد بن عبداللاه وعلى من تبعه ووالاه ، أما بعد ...
إخوانى وأخواتى فى الله السلام عليكم جميعا ورحمة الله وبركاته ((قصة يوم)) هذا هو عنوان مقالتى لكم اليوم .يوم رأيت فيه أشياء جميلة وأخرى تقابلها قبيحة ، رأيت فيه الفرحة والسعادة ورأيت فيه الشؤم والبؤس . رأيت فيه ما يفرح حقا ، وما يحزن من يعرف الحقيقة . رأيت كل شىء يحدث فى قريتى . فى هذا اليوم استيقظ اهل القرية جميعا مع اذان الفجر فمهم من قام وذهب الى المسجد ومنهم من تكاسل وصلى بالبيت ومنهم من تخاذل ولم ياصل ابدا . بعد انقضاء الصلاة يذهب الفلاحين الى حقولهم ويستعد الموظفين والطلاب كى يذهبوا الى اماكن عملهم سواء فى العمل ام فى المدرسة . كان هذا اليوم يوم الخميس حيث استيقظ الجزار فى تمام الساعة الثالثة صباحا واتى بذبيحته كى يذبحها بعدما يكبر ويسمى ثم يقوم بعمليات التنظيف والتقطيع . ويقوم التاجر قبل الفجر ذاهبا الى السوق لكى يجد ما يريد من سلع وخدمات ويقضى جميع حوائجه قبل انقضاء النهار . أتعلمون؟
اليوم عندنا يبدأ مع آذان الفجر حيث يستيقظ الجميع بكل همة ونشاط وينتهى فى تمام العاشرة مساءاً حيث يستكن الجميع فى بيوتهم . الطرق أماكن تجمعنا والمساجد أماكن لقاؤنا . العمل الاساسى فى قريتى هو الزراعة حيث أن العامل الحكومة تجده مزارعا والعامل بالقطاع الخاص أيضا مزارعا فجميع الطوائف زراع.
أتدرون ؟ قريتى لا تعانى من مشكلات نقص الطعام خاصة الحبوب لماذا ؟ لأنها تحقق إكتفاءاً ذاتيا كل عام على العكس من الدولة الام . رايت بعد صلاة الفجر العامل والزارع والطالب وربة البيت . وقبل بذوغ الشمس ذهبت إلى ضفة النهر نهر النيل وجلست أتأمل ولكن ... مهما قلت فلن اوصف لكم كيف يكون الشعور والاحساس فى هذا الوقت وفى هذا المكان عندما تجلس وحدك على النيل قبل شروق الشمس سكون وهدوء وجمال الطبيعة ، حيث أننى رأيت ما لا يراه أحد فى المدن ، رأيت طائر يسمى بالأوز العراقي هو مثل الاوز العادى ولكنه أكبر فى حجمه نسبيا ويستطيع التحليق فى السماء وهو يبيت على ضفة النهر كل يوم وفى الصباح الباكر يذهب مسرعا الى المياه الى الجمال.
تركت النهر وذهبت وسط الزرع فرأيت أيضاً ما لا يراه سكان المدن رأيت الطبيعة وبهجتها وضحكتها . تتعجبون !! كيف لانسان ان يرى الطبيعة تضحك وتتبسم ؟ كيف ؟ نعم هذه حقيقة ليست بخيال للأدباء حيث أنها تضحك بخضرتها وجمالها وخصب أراضيها ، وجلست تحت النخلة أنظر هنا وهناك حيث أجد الفلاح البسيط إما راكباً ركوبته وهى غالباً ما تكون الحمار أو راجلا . أتدرون متى يذهب هذا الفلاح إلى منزله ؟ يذهب عندما يفرغ من عمله حتى ولو كلفه ذلك اليوم بأكمله . وعندنا تجدون الأجرى الذى يعمل فى الحقل ويأخذ ما يسمى باليومية أى أجرته يأخذها 20 جنيهاً إذا قضى النهار كله . ننتقل من الحقل إلى المدرسة نجد المدرس فى المدرسة الابتدائية لا يعرف حتى كيف يدرس ، وجدت أن بعض المدرسين هم من خريجى كليات التجارة والزراعة ، ليس هذا فحسب بل وجدت مدرسا حاصلا على دبلوم زراعى وصلت الى هذه الدرجة من الاهمال.( وعند الامتحان يكرم المرء ولا يهان)
هذا هو شعار الطلاب فى هذه المدرسة حيث انهم جميعا فى نهاية العام الدراسى يأتى كل طالب منهم بعشرة جنيهات ويعطيها للفراش كى يكرموا فى الامتحان . رأيت لجنة الامتحان لا يوجد بها كرم لان رئيس اللجان مشدد الرقابة ولكن المراقبين لا ييأسون أتدرون ماذا فعلوا ؟ أتو بكوب من الماء وبفلة سيجارة
(عقب السيجارة) ويبلونها بالماء ويكتبون الإجابة على الصبورة صحيحة كانت أم خاطئة . ويخرج الطالب من المرحلة الابتدائية الى الإعدادية وتتكرر المأساة مثلما حدثت . الآن هو فى الثانوية العامةوأحيانا يكون لا يعرف حتى الحروف الابجدية . وهنا تتوقف المأساة الصغرى وتظهر المأساة الكبرى ألا وهى تحطيم طموح وأحلام الطالب حيث أنه لا يوجد غش فى الامتحان . فى يوم الامتحان لم يكرم مثلما فعل به ولكن أهين نعم لم يجد ما تعود عليه . وضاع الطالب ، وضاع الطالب . والسبب فى كل هذا هو عدم وجود الرقابة الكافية على التعليم وطرق التعليم بل عدم كفاية الاهتمام . ننتقل الى الخدمات الصحية أتدرون قريتى يوجد بها وحدة صحية واحدة وعيادة خصوصية واحدة وكان فى بادىء الامر صيدلية واحدة ولا يوجد بها مستشفيات اما بالنسبة للوحدة الصحية فهى لا تفى بالغرف المقامة من أجله حيث اننا لا نجد الاهتمام من الطبيب المعالج أتدرون لماذا ؟ لأنه مجبر على قضاء سنتين من عمره بعيداً عن أهله فى هذا المكان وبمرتب حكومى بخث . ننتقل الى وسائل المواصلات حيث ركبت فى السيارة التويوتا ذاهباً لصديق . وبينما أنا فى الطريق وجدت نفسى أكاد أن أختنق لا أجد منفذ للهواء السيارة امتلأت والسائق يقول هل من مزيد ؟ انها جهنم فى الحياة الدنيا . وبينما أنا عائد الى قريتى ركبت فى التوكتوك انه مريح بعض الشىء ولكن حوادثه كثيرة جدا . أتدرون من السائق هذه المرة ؟ إنه طفل صغير لا يتعدى العشر سنوات يقود هذا الشىء بسرعة 80 كليو فى الساعة .
ننتقل الى وجه جميل وقبيح . كان آذان الظهر فذهبت كى أصلى فى المسجد وعندما سمعت الآذان وجدته خطأ ولكن ... من يسمع لى ؟ ذهبت لأتوضأ وجدت أكثر الوضوء صحيح وأقله خاطىء ولكن ... من يسمع لى ؟ ذهبت لأصلى وجدت بعض الناس يصلون صلاة خاطئة والبعض الآخر ليست بالخاطئة وليست بالصحيحة ولكن ... من يسمع لى ؟ خرجت من المسجد ذاهبا الى البيت حيث وجدت ما لم أتوقعه . امرأة عمى تشاجرت مع أخى كى ترغم عمى بالانفصال عن المنزل ويكون لها منزلها بعيدا عنا .
فى زمان أجدادى كان الفرد يتزوج فى غرفة من غرف البيت ولكن الان كل أخ أو بمعنى أصح كل زوجة أخ تريد بيتا لها مستقلا تكون لها السادة فيه . لقد تم حل المشكلة بنجاح فسمعت آذان العصر وبعد الصلاة سمعنا رجل فى القرية قد انتقل الى الرفيق الاعلى فذهبنا كى نشيع جنازته وتم تشييع الجنازة والدفن غير الشرعى حيث اننا لا نحفر حفرة ونلقى عليه التراب ولكن ... خرجنا عن منهج المصطفى (ص) وأصبحنا نبنى غرفة كبيرة من الطوب الاحمر الحرارى ونلقى بالميت فيها ونغلق عليه الباب . وجاء موعد آذان المغرب فذهبنا جميعا للصلاة الا القليل منا . بعد انقضاء الصلاة كانت ليلة عقد قران أخ حبيب لنا فى القرية فذهبنا كى نبدى التهانى ونجلس على الوليمة . أخذت أنظر الى الجالسين معى فوجدت الكبير منهم والصغير من الـ 70 سنة الى الـ 10 سنوات الكل متساو لا فرق بين أحد . وأتت العشاء وذهبنا لنصليها وصلى معنا العريس وبعد انقضاء الليلة الساعة التاسعة والنصف ذهبت الى البيت لأتذكر ما فعلت فى يومى هذا فوجدت ما قصصت عليكم ولكن معظم ما قصصته أشياء سيئة ولكنها لا تخلو من الاشياء الجميلة . كل ما قصصته عليكم كله واقعى نعم من الحقيقة لانه غاية فى البساطة لا يميل الى اشياء ينكرها أحد . والله على ما أقول شهيد . والسلام عليكم جميعا ورحمة الله وبركاته .... مع التحية:- ابن بلدى [/size] :farao: