بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
حوار بسيط (سوالف ) أجريته مع أحد أفراد العائلة (طبعا مع التعديل في صياغة رده) .
حوار مع الأجداد
كيف كانت التربية في زمانكم ؟
في ذاك الزمان كنا دائما مشغولين برعي الأغنام والواحد منا منذ الصباح الباكر وهو في المرعى ,الذكور يرعون الأبقار
والإناث لهن الأغنام ويمارسون ألعابهم الشعبية حتى تغرب الشمس نعود للمنزل منهكين الوالد مسافر لطلب الرزق والأم
منهمكة في أعمال البيت, وفي صباح اليوم التالي نعود لنفس العمل وهكذا كل يوم, هذه هي تربيتنا تعودنا على العمل وتحمل
المسؤولية منذ الطفولة
ألم تكن هناك توجيهات ونصائح من قبل الوالدين وتحذير من بعض المظاهر السلوكية ورفاق السوء ؟
كنا نعرف القيم والمبادئ والمعايير الأخلاقية جييييييييدا ,لأننا نعمل ما يعمله الكبار من أعمال ونتحمل مسؤوليات ولا يعزل
صغار السن عن حضور مجالس الكبار,أي سلوكياتنا مكتسبة بالمحاكاة والتقليد وأكيد هناك توجيهات ولكن اليوم التوجيهات
والترقب أصبح أكثر
النقاش معه كان رائع أوردته بهذا الأسلوب ليتسنى للجميع الإحاطة بالمعاني.
*********************************
نحن في حاجة لتربية عالمية تجمع بين الأصالة و المعاصرة
الشخص المتحدث أخبرني أنه لا يمكن أن يصلح جيلنا اليوم إلا إذا اتبع الآباء نفس الأسلوب التربوي القديم !! فهل تعتقدون أن
ذلك ممكن ومثمر اليوم؟ *سؤالي مفتوح للجميع*
وجوابي هو أن مثل تلك الطريقة التربوية كانت في زمانهم ناجحة وأثمرت رجال ونساء أكفاء رائعين, وذلك لنقاء بيئتهم
فالمحاكاة والتقليد لم يكن منها خوف إلا في أضيق حدود!!, لكن في يومنا هذا تلك الطريقة التربوية من وجهة نظري ستكون
فااااااشلة !! , وستنتج أجيال غير مقبولين في المجتمع لأنهم سيكونون فريسة سهلة لمحاكاة وتقليد تيارات فكرية وحضارية بعيدة عن قيمنا,
فأسلوب التربية المطلوب اليوم لابد أن يكون مختلفا لسبب واحد وهو اختلاف البيئة ,لأن في زمن الأجداد والآباء لم تكن هناك
أطراف أخري دخيلة تربي الأبناء !! كانوا يعيشون على الفطرة النقية دون أن تمتد لها يد عابثة ,لكن اليوم في عصر
العولمة و تلاقح الحضارات وثورة وسائل الإتصال أصبح الناس على سطح الكرة الأرضية وكأنهم في قرية واحدة ناهيك
عن جهود دول الغرب لإفساد مجتمعاتنا وما تبثه عبر وسائل الإعلام وألعاب إلكترونية تتضمن أفكار تهدم الأخلاق وكلها
تستهدف براعمنا الصغيرة,بمعنى الدخول في العالمية لم يعد خيارا بل واقع يفرض نفسه ولابد من التعامل معه , الأطفال اليوم
مهما حاولنا ان نحميهم من الإشعاعات الفكرية والحضارية والثقافية الهدامة فإنهم سيصطدمون بها لا محالة ولكن هذه
الإشعاعات الفكرية تتفاوت في شدتها, وبالتالي سيتفاوتون في التعامل معها وتفاوت شدة امتصاصها لسبب واحد وهو قوة
( اللقاح الثقافي التربوي) المكتسب من الأسرة وهذا اللقاح لا يمكن إكسابه للطفل إلا من خلال فتح مجال الحوار معه وكسر حاجز
الخوف من العقاب , وتلقينه معايير إسلامية للأخلاق لا تعزله عن واقع عصره . الثقافة كما يعرفها تايلور هي الكل المركب
الذي يتضمن المعارف والعقائد والفنون والأخلاق والقوانين وجميع القدرات الأخرى التي يستطيع ان يكتسبها الانسان بوصفه
عضوا في مجتمع, فالثقافة يستطيع الإنسان أن يكتسبها ويتطبع بها دون اختياره فهي التي تسيره في الحياة وترسم نمط
تفكيره الذي لابد ألايعزله عن عصره,نحن في حاجة لعولمة التربية بالجمع بين أصالة قيمنا وعالمية المعاصرة .
************************************
الــــــــــــــــــطفل الـــــــــــــــــعالمي
ضيف جديد لهذا العالم يملأ الدنيا بالبراءة والنقاء ويسعى الآباء جاهدين للحفاظ على هذا النقاء بإبعاده عن مجرد معرفة كل ما
قد يلوث هذا النقاء ,يعيش في أحضان العائلة وعندما يكبر ويعيش في مجتمع أكبر من الأسرة من خلال المدرسة كأول سبيل
لاندماجه مع المجتمع فإنه قد يتشرب سلوكيات شاذة دون تمييز والسبب أن هذا الطفل لم يعط لقاحا ثقافيا تربوياً(معاييردينية) تكسبه
مناعة ضد الانحراف ولذلك فهو يعاني من الجهل التام بما يدور حوله, الطفل في هذا العصر لابد أن يعد على أساس أن
يكون طفلا عالميا ولا أبالغ إن قلت عالميا لأننا اليوم نعيش مع العالم كله لذلك لابد أن يحيط بكل ما هو حوله , قد يشاهد أو
يسمع عن أمور سيئة لابد من مناقشتها معه وعدم إخفائها عنه ولابد من معرفة رأيه فيها فإن كان رأيه صوابا يعزز بالثناء
والإضافة المفيدة بما يلائم سنه, وإن كان خاطئ فيتم توجيهه و إقناعه ولن يحتاج الطفل وقت لإقناعه لسبب واحد وهو
*إن الغصون إذا عدلتها اعتدلت ولا تلين إذا كانت من الخشب * والقرآءة والإطلاع للأطفال خير سبيل لذلك .
**************************************
ليس جرماً أن نتعلم من أطفالنا الأخلاق ولكن الجرم أن نهدم فيهم الإسلام
قد يوجه الطفل في بعض الأحيان نقد لاذع بطريقة عفوية لسلوك خاطئ صدر من أحد والدية ربما كان نقده ناتج عن معايير
أخلاقية راقية اكتسبها من خارج الأسرة * المسجد – المدرسة – كتاب – شاشة * لكن ماهي ردة فعل الآباء !! ينبغي ان
يعلم الطفل أننا كلنا نخطئ وأن يثنى عليه لهذه الملاحظة ويشاااااااد به وأن يعترف الوالد بهذا الخطأ لتعزيز هذا المعيار
الخلقي المكتسب ,وتأكد أنه سيزداد لك حبا وبك ثقة ومنك أمنا ولك وضوحا وتكون له صديقا صدوقا فليس جرما أن نتعلم من
أطفالنا الأخلاق ولكن الجرم أن نهدم فيهم الإسلام .
**************************************
الخلاصة
التربية الإسلامية هي تربية عالمية فديننا هو خاتم الأديان الصالح لكل زمان ومكان يرتفع بنا عن الجمود والرجعية ويراعي
عالمية الفكر والحضارة والثقافة, ولكن من المؤسف ان التربية الإسلامية تعاني من طغيان طابع المجتمع وثقافته وجاهليته
القديمة والبعيدة عن الدين الملوثة للفكر ,وليعيش الطفل في عالمنا اليوم ويتفاعل مع معطيات العصر لابد أن يكون له حصيلة
من القيم والمبادئ الإسلامية كلقاح ضد الإنحراف ولن يكون له معنى بدونها.